فضاء حر

صبراً للقوارير

إلى الرئيسين عبدربه منصور هادي وعلي ناصر

 

لا بد من سن سنّة جديدة لانتخابات تشكيل مجلس القضاء من بين نخبة القضاة ذوي التوصيفات المؤهلة للترشح

{ مرحباً علي ناصر، وداعاً عصاماً، وخير خلف لخير سلف – إن شاء اللَّه – ومع أنني كنت من المتشيعين أن يلي رئاسة مجلس القضاء إحدى القوارير من الحميرات القاضيات، وما زلت عند رأيي لمن تملك قرارها بكفاءة واستقلالية تامة لا تمسك العصا من الوسط وبعيداً عن السياسة – قاتلها اللَّه – وساس ويسوس ومشتقاتها وتبعاتها وتأثيراتها الضاغطة حتى لا تكون إدارة السلطة القضائية تحت شعار «بغينا صيت ما بغينا مكسب» ومن مشناقة إلى مشناقة فرج» و«ما بدا بدينا عليه»، كما في المثل، فصبراً نورا ضيف اللَّه القاضية وصبراً أنغام القاضية ومثيلاتهما من القوارير، فلم تكن دعوتي السابقة من جريدة «إيلاف»، العدد (233) لرئاسة إحدى القوارير من القاضيات ذوات العلم والكفاءة والعطاء لرئاسة المجلس إلاَّ من باب التذكير، «فذكِّر إن نفعت الذكرى»، و«إن الذكرى تنفع المؤمنين»، لتساهم وتشارك جنباً إلى جنب مع زملائها من القضاة في المجلس في إدارة شؤون العدالة، كما هو شأن تربعها منصّة المحاكم والنيابات في ما مضى، وإن على استحياء، كما في المحكمة العليا حالياً، وكذلك إطلاقاً للنفير بعد أن آن الأوان لإعادة بناء دولة المؤسسات وضرورة وجودها اليوم في المجلس بعد إشاحة النظر عنها لسنوات خلت، خاصةً مع وجود شاغر يمكن شغله في الأيام القليلة القادمة المرتقبة، فهل يفعلها صنّاع أو صانع القرار؟
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
ومع تجربة أكثر من (22) سنة قضاها رئيس مجلس القضاء المعيّن حالياً بقرار رئيس الجمهورية يوم الأربعاء 29 أغسطس 2012م بعد أن كان عضواً دائماً فيه سابقاً وبحكم أقدميته في المجلس منذ فجر الوحدة، فلا شك أن تجربته غنية في عمل القضاء بالمحكمة العليا قبل وبعد الوحدة، وكذا عمله في المجلس كعضو سابق فيه، مما سيرفد المجلس برؤاه وخططه وسياساته وتجاربه للارتقاء بمستوى أدائه وأداء أجهزة العدالة بما لم يستطع ولم يحالفه حظه تحقيقه وهو عضو لم يكن صوته مسموعاً فيه، أما وقد آل الأمر إليه فلا عذر له الآن مع عدم تغيير كبير في تشكيلة المجلس إلاَّ من التفرغ والتدوير بعد أن استعاد رئيس المجلس موقعه الأول بين متساوين على إثر فصل رئاسة المجلس عن رئاسة العليا مع بقاء الأخير عضواً فيه بحكم القانون، خاصةً بعد أن ذاق طعم الأقدمية التي لم يطبقها المجلس على القضاة ولم تَدُر في خلده وحساباته وقراراته طيلة الفترة الماضية منذ نشأته الأولى والأمل يحدو الجميع رفع وصون سمعة العدالة والتلازم بين إيفائها حقوقها ومن ثم إلزامها واجباتها وعدم القيام بنقل القضاة من محكمة ومنطقة إلى أخرى، والعمل على استقرارهم لمدتهم المقررة وحسن انتقائهم أولاً ومنحهم الترقيات المستحقة في مواعيدها وشروطها بدلاً من الترقيع بـ «التسويات» حسب المدة والزمن جزافاً، التي تطل كرّة بعد كرّة لجبر الخواطر دونما سند من القانون لسد عوار المجلس وتجنب الخبط العشواء أو التسرع في اتخاذ القرار وتمشية الحال، فلا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيه إن لم يسمعها، فهل يبدد الصورة القائمة؟ أم أن الجمعة الجمعة والخطبة الخطبة ولا بد من سن سنّة جديدة لانتخابات تشكيل مجلس القضاء من بين نخبة القضاة ذوي التوصيفات المؤهلة للترشح حتى لا يتأثرون بعصبية أو رابطة قربى أو نسب أو ضعف أو مناطقية، فتكون رابطتهم التي تجمعهم أقوى من كل تلك الروابط وأبلغ أثراً، وهي رابطة الكفاءة والعدالة والإنصاف وسيادة القانون، وهي أقوى من عُرى أي رابطة أخرى، لا جرم في ذلك إن أريد للقضاء أن ينهض، وأن يكون مستقلاً فعلاً لا قولاً حتى يأمن الصغير والكبير من خلال العمل الجاد على ترجمة النص الدستوري وبث الروح فيه بنقله من مجرد النظرية والنص إلى حيز الواقع والتطبيق والممارسة، ومن هنا لا بد في هذا الظرف من التذرع بالأمل وإعطاء الفرصة لتبديد الصورة، وإنَّا لمنتظرون، وإن غداً لناظره قريب.
إلى الرئيسين عبدربه منصور هادي وعلي ناصر
أقدِم فليس على الإقدام ممتنع
واصنع به المجدَ فأنت البارع الصنعُ
للناس في كل يوم من عجائبه
ما لم يكن لامرئ في خاطرٍ يقعُ
ولست تدري – وإن قدرت مجتهداً –
متى تحُط رحالاً أو متى تضعُ؟
# عضو المحكمة العليا 

 
 

المصدر: صحيفة الثورة

زر الذهاب إلى الأعلى